وقائع وتوقعات.. د.ربيع عبدالعاطى عبيد
من أجل الإصلاح .. المبادى أولاً
هبوب نيوز : خاص
بسم الله الرحمن الرحيم
ü لا يضطلع شخص بدور ، ويصيب كبد النجاح وذروته ، إن لم يكن مؤمناً وحاذقاً للمهمة التى يؤديها ، فهو أول من تغمر قلبه السعادة ، حين يرى عياناً بياناً ما كلفه جُلّ طاقته ، وما أنفقه من زمنٍ ، فى شكل إنجاز يناطح ذرى المجد ، ويعانق سحب السماء .
ü وأصحاب المبادئ ، لا يضعون إهتماماً لأجر عاجلٍ ، أو ينتظرون تعويضاً لقاء الذى بذلوه ، ويظل هدفهم الأوحد ، أن يتجسّد فكرهم ، ليصبح شيئاً ملموساً منتفعاً به فى أرض الواقع ، وليس تهويماً إفلاطونياً كما المدينة الفاضلة ، فى أذهان الحالميين المفارقين لعالم الحقيقة ، السابحيين فى فضاءات الخيال كما تهيم الطير التى لا تعتد ، أو تعترف بالأوطان .
ü وقد تنفق الدولة ، أو الأسرة الملايين من الأموال ، فتذهب سدى ، ولا تكون نتيجة ذلك الإنفاق سوى ريحٍ تعصف بالأموال والثروات ، بسبب أنها قد مُنحت بغير هدى ولا كتاب منير ، ووجهت لإشخاصٍ ، لا مبادئ لهم ، ولا ينظرون إلا لمنفعة رخيصة ، وعائدٍ لا يتجاوز أشخاصهم ، وبينهم وبين المبادئ بون شاسع ، وفرق كالذى بين الأرض والسماء .
ü والشخصية السياسية ، التى تتلاعب بالسياسة ، وتحيلها إلى إلفاظٍ معسولة ، لا تمييز بينها وبين مستخدمى صكوك الغفران ، كالتجار الذين يبيعون الحديث ، وهم لا يملكون السلعة التى يروجون لبيعها ، وهم لا يعلمون بأن فاقد الشئ لا يعطيه .
ü والإعلامى ، الذى يتصدى لنقل رسالة سامية ، سيخيب فأله ، وفال من كلفه بنقل هذه الرسالة فى شكل مقروءٍ ، أو مسموع ، أو أى قالبٍ كان ، إن كان فاقداً للمبادئ ، طبلاً ، وحارقاً للبخور ، دونما أن يكون مؤمناً بما يؤديه من عملٍ مقدّس ، ووظيفة تتطلب الأمانة ، وهو بهذا الشكل إنما هو كالنائحة المستأجرة التى تذرف الدمع ، وهو دمع مصنوع ، وتمثيل يفتقر إلى الأحاسيس القلبية ، ومشاعر الحزن الحقيقية الناتجة عن فقدٍ عظيم ، وبالفعل فإن النائحة الثكلى ليست كالنائحة المستأجرة فى كل الأحوال .
ü والإعلاميون الذين يعملون من أجل الفكرة ، ويضحون فى سبيلها ، ويتحملون الأذى من أجل ترسيخ معانيها ، لا ينتظرون شكراً ، ولا حمداً زائفاً ، ولا جزاءً مشروطاً ، ولا تعويضاً عارياً ، ولا مالاً سحتاً ، ولا منصباً زائلاً ، مقابل ما يكتبونه ، أو يبثونه فى الفضاء من أفكار حملت مبادئهم ، وتشربت برؤآهم .
ü فالرجال الذين وهبوا حياتهم للأفكار العظيمة ، والقيم النبيلة قد راجت أفكارهم ، دونما الإستعانة بوسائط إعلامية ، أو تقانات فضائية ، أو غير ذلك من تسهيلات أفرزتها علوم العصر ، وأوجدتها تطورات العقول وفنون البرمجيات .
ü والمبادئ وقوتها ، والفكرة وصلاحيتها ، إنما وُجدت لمعالجة أدوار الحياة ، وقضايا الدولة والمجتمع .
ü والعمل من أجل المبادئ ، وعلو شأنها ، هو الكفيل بنجاح المشروعات ، وحفر أسماء الذين عملوا لها ، ليس فى جدار التاريخ ، وإنما فى ثناياه ، وأصول الذى أرسى أعمدته ، وصياغة الذى تضمنه من حقائق وأفكار مثلت نبراساً يضى للآخرين الطريق .
ü وعندما تدفع المبادئ أصحابها نحو إرتياد آفاق النجاح ، وتحقيق الإختراقات لجوانب التحدى ، فإن الذين يواجهونهم من الجانب الأخر ، خاصة من قبلوا تلك المواجهة مأجورين ، مقابل دُريهمات دفعت لهم ، و ذممٍ تم شراؤها بليلٍ ، أو مناصب وعدوا بها ، سيجد أمثال هؤلاء أنهم فى معركة لا يملكون سلاحها ، ولا يُجيدون فنونها ، فهم أهل أجر وإرتزاق ، وسوف يصطدمون بجبال راسيات ، ويحاربون قمماً سامقة عملاقة ، حيث لا تقارن العظمة بمن هو قزم ضائع ، ولاتوازن وضيعة بقيم المبادئ وإرادة الرجال .
ü والمبدأ هو الركن الركين لكل أنواع الإنتصار الحق على جميع الصُعد ، فهو الذى يسجل الأهداف لتنتصر كرامة الإنسان وتعلو على ما سواها ، كمثل ما ترتقى العبودية لله ، وتنحدر العبودية للعباد ، وما أصدق قول رسول الله (ص) : تعس عبد الدرهم وتعس عبد القطيفة وتعس عبد الدينار .
ü وما أعظم الذين يقبضون على سنام المبدأ ، مهما تطلب ذلك من تضحية بالأنفس والمهج والأرواح .
ü وإن أردنا الإصلاح ، من أجل دين ودنيا ، فلا مجال إلا بتقديم المبادئ على غيرها من عناصر ، لتتوجه المسيرة نحو أهدافها القاصدة ومراميها المتصفة بالسمو والشموخ .