نبض المجالس
هاشم عبد الفتاح
..وسقط القناع ..!
وصفتها الحاضنة السياسية للمليشيا بأنها حرب (الجنرالين) .. ولا علاقة لها بالشعب السوداني ..فذهب جنرال أو فالنقل اختفى من المشهد..وتبقى (جنرال) واحد يتسيد الميدان العسكري ويفرض أسلوبه وتكتيكاته واستراتيجيته العسكرية بكل وارادة ..ثم اثبتت الشواهد انها حرب ضد الشعب السوداني..ثم قالت (الحاضنة) انها حرب من اجل الديمقراطية (والحكم المدني) ، ولكنها لم تحدثنا يوماً عن برامجها ومشروعاتها وأفكارها (الليبرالية) بل ذهبت في عكس ما قالت حينما دمرت ( المؤسسات المدنية) ، ولم تخاطبنا يوماً عن سكة الوصول إلى شرعية الصندوق (الانتخابي) ، والآن يقول الجيش كلمته..ولم تحدثنا (الحاضنة) كذلك عن حقيقة بيتها الداخلي ونعني بذلك الاجهزة التنظيمية الداخلية للقوى الحزبية ومدى استعدادها لقبول أو طرح مشروع السباق الانتخابي وصولاً إلى الحكم الشرعي الذي ننشده هذه (القوى) ، ولكنها وبكل أسف تتحدث عن خيارات (فترة الانتقال) وبسقوفات زمنية طويلة المدى تحاشيا من شرعية الجماهير ، يقولون ذلك وكأن هذه الفترة الانتقالية (غاية آمالهم ) ..!
فالحقيقة القاسية التي يجب أن تدركها مجموعة قحت وتقدم وبقايا الحاضنة (المليشية) ، أن الجيش لن يعود إلى (ثكناته) على المدى القريب ، ما لم تتخلى هذه (القوى) عن خيانتها (وعمالتها) ..وتعود إلى (دورها) وتتحسس قواعدها..وتشرع في (اعادة ترميم) بيوتها من الداخل..وتمارس فضيلة (جلد الذات)
ثم إن هذه القوى المدنية التي لازالت تتكي على (بندقية) المليشيا ، وتدين لها بولاء (اعرج) ، يبدو أنها اسهبت كثيراً في مرافعاتها وتوصيفاتها السياسية لهذه الحرب ، بأنها حرب ضد دولة (١٩٥٦) وضد دولة الجلابة المفترى عليها ، ويعتقدون كذلك بأنها حرب بين (الهامش والمركز) ، فأين المركز وأين الهامش في هذه الحرب ..؟!
لطالما أن الذي يقتل وينهب ويغتصب ويشرد ويطرد من داره هو ذلك المواطن الذي لا يملك (قوت يومه).. ويحاصره ثالوث (الفقر والجهل والمرض) من كل جانب..فلو خير أهل الهامش ما بين الاستمرار في الحرب أو الإبقاء على (هامشهم) لاختاروا الثانية بلا تردد..
فتلك هى شعارات فارغة المحتوى ولا تقف على (سيقان) ..ولا تعبر حتى عن منطلقات اساسية للمليشيا وحلفاءها ..فهى كما قال (هالكهم) : (نحن هدفنا..ليس عندنا هدف) ..
فكل (التبريرات) التي تدعيها المليشيا عن اسباب ودوافع هذه الحرب ليست مبنية على حقائق ثابتة.. ولا حتى (مشروع سياسي) واضح المعالم ..ولكن الواقع يؤكد أنها حرب تحركها دوافع (ومطامع) واستراتيجيات دولية تجمعها تحالفات (متحركة) ومصالح مشتركة ، ربما لا تدري قيادة المليشيا نفسها (كل الحقيقة) التي تختبئ خلف (ستارها ) هذه التحالفات الدولية.
ولكن على الضفة الأخرى ربما أدرك الشعب السوداني تماماً (كل الحقيقة) عن دوافع ومحركات هذه الحرب كونها حرب (وجودية) ضد الإنسان السوداني وهويته وثرواته وجغرافيته ، فأي حديث أو تبرير يتجاوز هذه المنطلقات فهو حديث مردود (ولاهي) ..ولهذا فإن هذه الحرب مهما تطاول مداها واشتدت ضراوتها وقسوتها على السودانيين فلا خيار سواها إلا المضي في سكتها حتى نهاية المشوار وتتلاشى إلى الابد هذه المليشيا من دنيا السودانيين ، ولا ذلك أن هذا التلاشي لا يتحقق إلا عبر ( الخيار العسكري) ، وانما الخيار التفاوضي سيظل قائما ومطروحا على قادة ومكونات المليشيا وفقا لما هو معلن من اشتراطات الحكومة السودانية في الخصوص .