إنتهاكات الدعم السريع منذ 15 ابريل 2023 ..الحلقة (2)
إعداد : هشام محمود سليمان الامين العام الاسبق لمفوضية حقوق الانسان.
هبوب نيوز : خاص
مدخل:-
في عالم يتطلع إلى العدالة وحقوق الإنسان تظهر قضايا مؤلمة تتطلب تسليط الضوء عليها حتي يقف الجميع علي حقيقة ما يحدث وهي انتهاكات ترقي لجرائم ضد الإنسانية يعاقب عليها القانون.
تعد إنتهاكات حقوق الإنسان من قبل الدعم السريع إثر الحرب التي اندلعت في السودان نتيجة الانقلاب الذي حاول الدعم السريع تنفيذه للاستيلاء علي السلطة تعد واحدة من أكثر القضايا إلحاحاً في الفترة الراهنة تتنوع هذه الإنتهاكات بين القمع والعنف الممنهج مما يثير القلق على مصير الأفراد والمجتمعات في هذا التقرير أود أن أستعرض تفاصيل هذه الإنتهاكات والبحث في آثارها العميقة كما أود أن أستمع إلى أصوات الضحايا الذين عانوا في صمت ومن خلال فهم هذه الحقائق املأ في تعزيز الوعي وفتح آفاق جديدة لمواجهة هذه التحديات التي أرقت المجتمع وعكرت صفو حياته
ينطلق هذا التقرير عبر رحلة تستكشف القسوة والإنسانية بتسليط الضوء على ما يجب أن يسمع وما يحب أن يقال، وقبل تسليط الضو علي هذه الإنتهاكات أود ان أشير الي المثياق العالمي العالمي لحقوق الإنسان
تستند حقوق الإنسان إلى مبادئ أساسية تتجاوز الحدود الثقافية والسياسية في عام 1948 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي يمثل حجر الزاوية للحقوق الأساسية التي يجب أن يتمتع بها كل فرد بغض النظر عن خلفيته الدينية او السياسية أو العرقية يضمن هذا الميثاق :-
الحق في الحياة
والحرية والأمان
ويحث على إحترام كرامة الإنسان لكن في ظل الأزمات الإنسانية والصراعات المسلحة مثل تلك التي شهدناها نتيجة الحرب التي أندلعت في الخامس عشر من أبريل 2023 تتجلى الفجوة بين المبادئ النظرية والتطبيق العملي إن تجاهل هذه الحقوق الأساسية من قبل قوات الدعم السريع ليس مجرد انتهاك للقوانين الدولية بل هو هجوم على القيم الإنسانية التي يسعى المجتمع الدولي لحمايتها لذلك فإن استكشاف هذه الانتهاكات يتطلب منا العودة إلى مبادئ هذا الميثاق لتذكير الجميع بأن الحقوق ليست مجرد كلمات بل هي واقع يجب الدفاع عنه بجرأة وشفافية.
تعريف الانتهاكات :-
إنتهاكات حقوق الإنسان
تشير إلى أي فعل أو ممارسة تتعارض مع الحقوق الأساسية التي كفلتها القوانين والمعاهدات الدولية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتتضمن هذه الانتهاكات مجموعة واسعة من الأفعال بدءاً من العنف الجسدي والإعتقال التعسفي
وصولاً إلى التمييز والحرمان من الحقوق الأساسية مثل الحق في الحياة والحق في الحرية و التعليم والحق في التنقل و الصحه وما الي ذلك من حقوق.
تحدث هذه الانتهاكات غالباً في سياقات النزاعات المسلحة أو القمع السياسي حيث يتم إستهداف الأفراد أو الجماعات بسبب هويتهم معتقداتهم أو آراءهم تؤدي هذه الانتهاكات إلى آثار مدمرة على الضحايا والمجتمعات مما يسهم في زعزعة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ويفتح باباً للأزمات الإنسانية الحادة.
العلاقة بين النزاعات المسلحة والانتهاكات:-
تعتبر النزاعات المسلحة بيئة خصبة لانتشار انتهاكات حقوق الإنسان خلال الحروب والصراعات تتعطل الهياكل القانونية والاجتماعية التي تحمي الأفراد مما يتيح للجهات المسلحة إرتكاب أفعال غير إنسانية دون رادع .
وتشمل هذه الانتهاكات:-
ـ القتل المستهدف
ـ التعذيب
ـ الاعتقال التعسفي
ـ الإختفاء القسري
الإغتصاب
إستخدام المدنيين كدروع بشرية
ـ التهجير القسري
ـ الابادة الجماعية
ـ التطهير العرقي
ـ القتل خارج نطاق القانون
وغالباً ما تستخدم هذه الانتهاكات كأداة للتخويف والسيطرة مما يؤدي إلى تفكيك النسيج الاجتماعي وزيادة الاستقطاب بين الجماعات كما تساهم النزاعات المسلحة في تدهور الظروف الإنسانية مما يضاعف من معاناة الضحايا وزويهم ويزيد من صعوبة استعادة حقوقهم بعد انتهاء الصراع
إن فهم العلاقة بين النزاعات المسلحة والانتهاكات هو خطوة حيوية نحو تحقيق العدالة والمساءلة حيث يجب على المجتمع الدولي التصدي لهذه الانتهاكات والعمل على حماية حقوق الإنسان حتى في أحلك الظروف.
قواعد الاشتباك في القانون الدولي:-
قواعد الاشتباك هي مجموعة من المبادئ التي تحدد كيفية إستخدام القوة في النزاعات المسلحة وتستند إلى القانون الدولي الإنساني تهدف هذه القواعد إلى حماية المدنيين والمقاتلين الذين لم يعد بإمكانهم المشاركة في القتال مثل الجرحى والأسرى تفرض قواعد الاشتباك التزاماً على الأطراف المتحاربة بالتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية وإستخدام القوة بشكل متناسب
ووفقاً لاتفاقيات جنيف يجب على الأطراف المتحاربة إتخاذ كافة الإحتياطات الممكنة لتفادي أو تقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين ويعتبر القصف العشوائي أو الهجمات التي لا تميز بين الأهداف العسكرية والمدنية انتهاكاً صارخاً لهذه القواعد تعتبر هذه المبادئ جوهرية لحماية حقوق الإنسان أثناء النزاعات وتساعد في الحفاظ على الحد الأدنى من الإنسانية حتى في أوقات الحرب إن إحترام قواعد الاشتباك لا يساهم فقط في حماية الأرواح بل يعزز أيضا من إمكانية تحقيق السلام والاستقرار بعد انتهاء الصراع وبصوره أكثر تفصيلاً عن قواعد الاشتباك في القانون الدولي تعتبر قواعد الاشتباك في القانون الدولي جزءاً أساسياً من القانون الدولي الإنساني والتي تهدف إلى تنظيم سلوك الأطراف المتحاربة في النزاعات المسلحة تستند هذه القواعد إلى مبادئ رئيسية تشمل:-
1 التمييز:-
يتعين على جميع الأطراف التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين يجب ألا تستهدف المنشأت المدنية أو المدنيين في أي هجوم الهجمات التي تؤدي إلى وفاة أو إصابة مدنيين أو تدمير الممتلكات المدنية دون ضرورة عسكرية تعتبر انتهاكات
2 التناسب:-
يجب أن تكون قوة الهجوم متناسبة مع الأهداف العسكرية المتوخاة وهذا يعني أن أي ضرر محتمل للمدنيين أو الممتلكات المدنية يجب أن يكون غير مفرط مقارنة بالفوائد العسكرية المتوقعة
3 الاحتياط:
يجب اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر للمدنيين والممتلكات المدنية يشمل ذلك التحذير المسبق قبل الهجمات ما لم يكن ذلك غير ممكن.
4 عدم التسبب في المعاناة غير
الضرورية:-
يحظر إستخدام الأسلحة أو الأساليب التي تسبب معاناة لا مبرر لها أو تؤدي إلى إصابات تفوق الأهداف العسكرية
هذه القواعد مدعومة من قبل اتفاقيات جنيف الأربعة التي توفر حماية للمدنيين والمقاتلين الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية مثل الجرحى والأسرى
ورغم وضوح هذه القواعد فإن الانتهاكاتها التي مارسها الدعم السريع ظلت شائعة وظاهره خلال هذه الحرب اظهرتها التقارير الدولية والمنظمات الحقوقيه وتوثيقات قوات الدعم السريع نفسها لذلك تعد هذه التقارير وهذا التوثيق مراجع يمكن الرجوع اليها في خرق المبادئي القانون الدولي الانساني بصوره متكرره مما مما كان له اثار مدمرة على المدنيين لذا ينبغي علي المجتمع الدولي ان يسعي بصوره جاده الي ردع هذه القوات لتلافي مزيداً من الانتهاكات من خلال المحاكمات الدولية والاليات الأخرى إلى محاسبة الأفراد والكيانات المسؤولة عن انتهاك قواعد الاشتباك مما يعكس أهمية الالتزام بالقانون الدولي الإنساني في حماية حقوق الإنسان حتى في زمن الحرب
الحرب بين الدعم السريع والقوات المسلحة :-
تعد الحرب التي نشأت بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية من أبرز التوترات في السودان خلال الثلاث سنوات الأخيرة بدأت هذه الحرب بشكل فعلي في أبريل 2023 عندما تفجرت الاشتباكات في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى بمحاولة السيطرة علي السلطه بقوة السلاح وتغير نظام الحكم
أسباب النزاع:-
1 الصراع على السلطة:-
يأتي النزاع في إطار صراع أكبر على النفوذ بين العسكريين والمدنيين في الحكومة الانتقالية حيث تسعى كل من القوات المسلحة باعتبارها القوات المعترف به دولياً والدعم السريع الذي يحاول التوسع علي حساب مهام القوات المسلحة المنصوص عليها في الدستور وقانون القوات المسلحة إلى تعزيز سلطاتها وتوسيع دائرة إختصاصاتها
2 الاختلافات الاستراتيجية:-
يعتبر الدعم السريع الذي نشأ من ميليشيات الجنجويد خلال النزاع في دارفور وأصبح بعد إندلاع الثورة الشعبيه قوة موازية للقوات المسلحة ويختلف معها في إستراتيجيات الحكم والسيطرة
3 المسائل الاقتصادية:-
التنافس على السيطرة على الموارد الاقتصادية مثل الذهب والموارد الطبيعية الأخرى مما يعزز من تعقيد النزاع.
الآثار الإنسانية:-
أسفرت الحرب عن إنتهاكات مريعة قامت بها قوات الدعم السريع تمثلت في الاتي :-
أ مقتل الآلاف وتهجير الملايين داخل السودان وخارجه
قامت قوات الدعم السريع بتدمير البنية التحتية وتعطيل الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية واحتلال الأعيان المدنية مثل المستشفيات والمرافق العامة التي تخدم خدمات أساسية للمواطن وتدميرها وتعطيلها مثل محطات الكهرباء ومحطات المياه والمرافق الصحية واحتلال بيوت المواطنين مما زاد من حدة معاناة المواطنين
تستدعي هذه الأوضاع الإنسانية الصعبة اهتمام المجتمع الدولي
تسعى بعض الدول ومنظمات الأمم المتحدة إلى تقديم المساعدات الإنسانية وفتح قنوات الحوار بين الأطراف المتنازعة وهذا وحده لايكفي لايقاف هذه الانتهاكات وانهاء الحرب فلابد من الضغط علي قوات الدعم السريع بصورة اكثر جدية لإيقاف هذه الانتهاكات كما أنه من الضروري الضغط علي الدول التي تقدم دعما لوجستياً لقوات الدعم السريع لرفع يدها عن تقديم الدعم لهذه القوات ومحاصرتها عالميا
الوضع الراهن:-
لا تزال الحرب قائمة مع إستمرار الاشتباكات في مناطق عدة مما زاد الوضع تعقيداً وهذا يستدعي إلى تنسيق الجهود المحلية والدولية لإحلال السلام والإستقرار واستعادة حقوق الإنسان المهدورة و الحد من انتهاكات حقوق الإنسان
أنواع الإنتهاكات التي أرتكبتها قوات الدعم السريع:-
1 القتل خارج نطاق القانون
إعدام الأفراد دون محاكمات قانونية بسبب ارائهم السياسية أو انتماءاتهم السياسيه فقد أقدمت هذه القوات الي تصفيه عدد من المواطنين بتهمة انتماءاتهم السياسية واعمالهم السابقه في القوات النظامية أو بحكم الاثنية المخالفه
2 التعذيب:-
استخدام القوة الجسدية أو النفسية لإلحاق الأذى بالآخرين خاصة أثناء الاحتجاز
أقدمت قوات الدعم السريع بالاعتداء الجسدي وتعذيب المواطنين العزل المحتجزين في سجونها واغتصاب الكثير من النساء في انتهاكات صارخة تمثل اقصي درجات العنف ضد النساء
3. الاعتقال التعسفي:-
قامت قوات الدعم السريع باحتجاز الاف من المواطنين دون أسباب قانونية أو محاكمات عادلة
4. التمييز:
معاملة الأفراد بشكل غير عادل لايميز بينهم بناءاً علي العرق و او الإنتماء القبلي أو الإنتماء السياسي أو أي خصائص أخرى
وفي هذا أقدمت قوات الدعم السريع علي ارتكاب انتهاكات صارخة ضد مواطني الجنينة
ترقي الي درجة حرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي .
5 التهجير القسري:
قامت قوات الدعم السريع
بإجبار الأفراد والجماعات على مغادرة منازلهم والاستيلاء عليها وسرقة محتوياتها والاستيطان فيها والاعتداء عليها بل وتدمير جزء كبير منها
6 انتهاكات حقوق المرأة:-
إرتكبت قوات الدعم السريع انتهاكات كبيرة وخطيرة ضد النساء مثل زواج القاصرات إجباراً تحت تهديد السلاح واغتصاب الكثير منهن وتعذيبهم جسدياً
7 انتهاكات حقوق الأطفال:-
قامت قوات الدعم السريع بانتهاكات كبيرة ضد الأطفال مثل الاستغلال الجنسي
و تجنيد الأطفال القصر في النزاعات المسلحة.
آثار الانتهاكات:-
تؤدي انتهاكات حقوق الإنسان إلى آثار سلبية على الأفراد والمجتمعات مثل فقدان الثقة في المؤسسات زيادة الصراعات وتهديد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وتعطيل اجهزة الدولي عن القيامه بدورها كما تساهم في خلق أزمات إنسانية تتطلب استجابة دولية عادلة وعاجلة
أهمية المساءلة:-
تعتبر المساءلة عن الانتهاكات أمراً حيوياً لتحقيق العدالة تشمل اليات المساءلة المحاكمات الدولية لجان التحقيق وكتابة التقارير والضغط من قبل منظمات حقوق الإنسان وبتتبع انتهاكات قوات الدعم السريع في السودان نجد إنها قامت بارتكاب مجموعة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال فتره من 15/ ابريل 2023 حتي الان و من أبرز هذه الانتهاكات:-
1 القتل خارج نطاق القانون:-
تم توثيق حالات قتل مدنيين دون محاكمة بما في ذلك عمليات إعدام جماعية وتطهير عرقي مثل ماحدث في الجنينه
وقرية ود النورة وقري شرق الجزيرة
2 التعذيب والمعاملة القاسية: هناك تقارير عن تعذيب المحتجزين والاعتداء عليهم في أماكن الاحتجاز مثل سجن سوبا الذي تم احتحاز عدد سبعة آلاف من المدنين فيه وتمت عمليات تعذيب لهم حسب افادات الناجين من السحن
3. الاعتقال التعسفي: –
اعتقال الأفراد بشكل غير قانوني خاصة الناشطين والصحفيين دون اتباع الإجراءات القانونية وتم الخدار كرامتهم واذلالهم
4. التهجير القسري:-
اجتياح مناطق سكنية وإجبار المدنيين على مغادرة منازلهم مما أدى إلى نزوح آلاف مثل ماحدث في قريه شرق الجزيرة حيث بلغ عدد القري التي تم افراغها اكثر من 300 قريه
5 العنف الجنسي:-
توثيق حالات اغتصاب واستغلال جنسي كأداة من أدوات الحرب فقد وثقت تقارير اممية ومنظمات حقوقية
مئات من النساء والفتيات اللواتي تعرضن لاعتداءات جنسية مثل الاغتصاب والاسترقاق خلال الحرب الحالية في السودان أوضاعاً نفسية سيئة بالإضافة إلى مشكلات اجتماعية وصحية وتشمل هذه الحالات الحمل القسري والإجهاض علاوة على وقوع العديد من حالات الزواج القسري
6. الهجمات على المدنيين:-
٧. نفذت قوات الدعم السريع عمليات عسكرية في مناطق مدنية مما أدى إلى وقوع العديد من الضحايا بين السكان المدنيين قرية ود النورة وقري شرق الحزيزة وجنوب دارفور وشرق دارفور وغرب دارفور
7 استهداف المرافق الصحية والتعليمية:-
تدمير أو إغلاق المرافق التي تقدم خدمات حيوية للمدنيين
8 تدمير المكتبة الوطنيه ودار الوثائق والمتحف القومي والسجل المدني
9 تدمير الجامعات
تعتبر هذه الانتهاكات انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان مما يستدعي تحرك المجتمع الدولي لتحقيق المساءلة والعدالة .